المسرح الاليزابيثى ( عصر النهضة):
يعد عصر النهضة 1300-1600 عصر تحرر الادب والفكر الاوربي من نير المعتقدات الكنسية التي اوصدت منافذ الابداع قرون عده، وقد عمقت اوروبا في عصر النهضة حركة انبعاث انطلقت منها الافكار الجديدة في السياسة والدين والفن وتمخضت عنها(عملية بعث شاملة للتراث الاغروروماني مع بدايات رائعة في شتى حقول المعرفة الانسانية تكفلت بانجازها عقول فذة في تاريخ الفكر ،
كما رافقتها احداث تاريخية واجتماعية بعيدة الاثر شكلت جميعها حلقات متصلة تركت بصمات عميقة في مجمل التاريخ الإنساني) وبعد تولي الملكة اليزابيث الحكم سميت الدراما في عصرها باسمها (الدراما الاليزابيثية).
ونتيجة حرص الملكة اليزابيث على التوفيق بين الطوائف الدينية واهتمامها بأنشاء المسارح العامه ,ظهر نوع من الحرية الفكرية ساعدت على نمو المسرح وازدهاره وفي الوقت نفسه مكنت المسرح من تناول افكار جديدة لبناء المجتمع والانسان، وقد (ساعد الاستقرار السياسي والاقتصادي على ولادة حالة من التأمل والتفكير، وهذه النزعة الموضوعية افصحت عن ذاتها في المسرح فالنشاط المسرحي مرتبط باجتهادات فردية في كثير من الاحيان ويرجع المسرح الاليزابيثي جزئياً الى الحياة ذات الطابع البلاطي او شبه البلاطي التي كانت تحياها الاسرة الكبيرة
فالدراما في العصر الاليزابيثي هى فى الاصل دنيوية بحذافيرها، وقد مزجَ المسرح الاليزابيثي بين المسرح الكلاسيكي القديم والتقاليد الفنية لدراما القرون الوسطى
( مسرح الخوارق والاسرار) ثم اغناها بمفاهيم شكسبيرية جديدة ادت الى براعة فنية ذات صفة جديدة، وهذا ما يظهر واضحاً فى المسرحيات الكوميدية والتراجيدية التي تصور حياة العصر بقسوة وصراحة.
ان من اهم مميزات المسرح الاليزابيثي هي علاقته بالجمهور ذلك لعدم وجود صحف او مجلات او منتديات للرأي والسياسة ودور للهو
فقد كان الجمهور يلتقي بعضاً مع بعض فيثقف نفسه ويمرح ويبكي وكان يستقي ايضاً الحلم والرؤيا والاخلاق والمفاهيم السياسية من المسرح ايضاً لقد كان الصراع في المسرح الاليزابيثي يختلف كثيراً عما سبق، فلم يعد مع القوى الخارجية ولامع الواجب، بل ان اغلبه اصبح صراعاً للارادة البشرية، وهو صراع بين الرغبة في فعل شيء والرغبة في تجنب فعله، وقد ادى هذا الصراع الى تعدد اهداف الشخصيات واختلاف غاياتها كما ساهم في توسيع رفعة البناء الدرامي.
اتسم المسرح الاليزابيثي بما يأتي:
أ- المرونة: ( وتوافرت في معماريه المسرح وعرض المشاهد الكثيرة، مما وفر للممثلين حركة حرة ومرنة على المسرح كما زاد في توتر وتنوع الفعل المسرحي وترقب الجمهور للعرض وأسس علاقات اكثر صميمية بين الممثل والمتلقي)
ب_ خلو المسرح من المناظر مما دفع بخيال الجمهور الى صنع المشاهد وتركيز اهتمامهم على تفاصيل الفعل والحركة والشخصيات اكثر من اهتمامه بالمناظر او المكان الذي يجري فيه الحدث،
وهكذا كان على الممثل ان يعتمد في تحقيق التأثير المطلوب على طريقة الهجوم المباشر على عواطف النظارة وخيالاتهم فضلاً عن اعتماده الشعر والبلاغة بكل تأثيراتهما العاطفية.
جـ- خشبة المسرح الممتدة بين الجمهور
كانت توفر للمثل حظاً اكبر في الاتصال بهم والتمثيل بينهم ولم يكن ذلك بالامر اليسير (ان الجمهور آنذاك كانت له نوازع ومطالب لا بد ان تحقق رضاه ومنها المشاهد الهزلية التي كثيراً ما تسبب مشاكل جدية للمأساة فتوفير هذه المشاهد دون افساد لنغمة المأساة يعد أمراً عسيراً)
ولقد عالج شكسبير ذلك بكل حذاقة اذ حاول جاهداً ان يوجد مشاهد لا تؤثر على سير وتنامي الافعال الدرامية وفق تسلسلها القاعدي من المقدمة الى العقدة حتى الذروة واعتمد على الوصف المؤثر او خلق حدث في المقدمة يلفت الانتباه ويخلق عنصر التشويق.
د- استعمال الرجال لتمثيل دور النساء والبنات
ان هذه الصورة التاريخية لواقع المسرح في ذلك العصر كان لها- دون شك- الاثر الواضح في المسرح الشكسبيري وبناء شخصياته الدرامية، ذلك ان شكسبير رغم تفرده في الرؤية الفلسفية الا انه لا يمكن تجاهل التأثيرات السياسية والاجتماعية والفنية لعصره وما سبقه على طبيعة فنه واعماله الدرامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق