العصفور فى القفص

لمحمد تيمور

الكاتب :


هو محمد تيمور (1892 - 1921م) ابن أحمد تيمور باشا، ومن مؤسسي الأدب القصصي والمسرحي في مصر. سافر إلى باريس لدراسة القانون، غير أنه عاد منها إلى القاهرة عام 1914م، وانصرف منذ ذلك الحين إلى كتابة القصص والمسرحيات، متأثراً فيها بالمذهب الواقعي. اشترك في تأسيس ((جمعية أنصار التمثيل)) ومثلت له على المسرح عدة كوميديات اجتماعية، مثل:"العصفور في القفص" و"الهاوية" وأوبريت "العشرة الطيبة" التي لحنها سيد درويش. وله مجموعة من القصص القصيرة بعنوان ((ما تراه العيون))

نشأ في أسرة عريقة على خلفية أدبية واسعة وعلم وجاه، رحل إلى برلين لدراسة الطب لكن حبه وشغفه بالأدب جعلاه يهاجر إلى فرنسا ليطلع على الأدب الأوربي عموما والأدب الفرنسي خصوصا اللذان تركا الأثر الكبير في حياته وعلى قصصه وأعماله، ليعود إلى مصر بعد ثلاث سنوات عام 1914 فألف فرقة تمثيلية عائلية ووضع مسرحيات

نهض بالمسرح المصري من خلال مقالاته النقدية واقتراحاته التي استخدمها بالتأثير الكبير للمسرح الفرنسي، علاقته القوية بأخيه الأصغر- الكاتب ورائد القصة المصرية محمود تيمور- وقربه منه كانت كقرب الجفن من العين حيث كان محمود يعتبر أخاه الأكبر مثله الأعلى وخير مرشد له من خلال التمسك بنصائحه وتوجيهاته وآرائه السديدة بما يملكه من ثقافة واسعة وبعد النظر وحكمة للرأي، حتى إن محمود تأثر به في كتاباته باتجاهه نحو المذهب الواقعي في الكتابة القصصية وألف مجموعته القصصية الأولى على غرارها.

شكلت كتابات محمد القصصية والمسرحية والشعرية والفكرية منظومة إبداعية متكاملة في مجال تحديث الأدب والفكر العربي حتى أن بعض المؤلفين قسموا الحياة الأدبية إلى عصرين هما عصر ما قبل تيمور وعصر ما بعد تيمور، فكانت كتاباته هي البداية الحقيقية للأدب العصري الحديث وبرع أيضاً في مجال القصة بوعي بناء فني ومضمون فكري وإرساء تقاليد القصة القصيرة باعتماده على موهبته الفذة وحسه الفني وثقافته الواسعة والسنين التي أمضاها في ربوع أوروبا بالإضافة إلى التحامه مع قضايا مجتمعه المصري فلم تكن إبداعاته محاكاة شكلية لأنماط الأدب الغربي بل كانت وسيلة لتوظيفها بتجسيد بلورة المضامين التي تهم أبناء شعبه.

يبرز وعي محمد المبكر بتقنيات القصة القصيرة حيث لم يكن لفن القصة وحتى الرواية أية تقاليد سابقة في الأدب العربي وربما مواكبته لانجازات رواد القصة كإدجار ألان بو وتشيخوف ومعاصرته لإرنست همنغواي التأثير الكبير لوضع القواعد الأساسية للقصة.

أشخاص الرواية 

محمد باشا الزفتاوى : أحد بشوات الريف والد حسن وعمره 50 سنه

حسن بك : طالب ثانوى ، وهو ابن الباشا وعمره 19 سنه.

أمين بك : مثال الوارث المسرف ، وهو ان عم حسن بك وعمره 22 سنه

محمود بك : طالب حقوق ، ابن خالة حسن بك ، عمره 25 سنه.

فيروز أغا : اغا السراى وعمره 45 سنه.

عزيزة هانم : والدة حسن بك وزوج الباشا ، وعمرها 40 سنه.

مرجريت : خادمة ( كمريرة ) سورية وعمرها 21 سنه .

 

شخصية الاب : محمد باشا على الزفتاوى

المكان يدل على انه مقتدر مادياً ومحب للتفاخر فيوجد اثاث مذهب فاخر موضوع فى صالة المنزل بغير نظام ، وعدد 2 خوان احدهما كبير والاخر صغير وعدد من الاوانى والزهريات 

من خلال حوار مارجريت وفيروز اغا يتضح ان الاب بخيل على ابنه ويعطيه ستين قرشاً فى الشهر برغم انه حريص على المظاهر الكاذبه فهو يستخدم عدد من الموظفين والخدامين والكميريرات ، مثل فيروز اغا ومارجريت  ويمتلك اتمبيرات لكى يقال عنه انه غنى 

وضحية كل ذلك هو الابن فهو فضل حب المال على حب ابنه فهو يبخل عليه ويفضل الاهتمام بمظهره هو وتجاهل مظهر ابنه

وفى الوقت الذى يدخل الباشا فرحاً بانه اجرعزبة ابو احمد بزيادة 4 جنيه فى الفدان اى ان الايجار اصبح 30 جنيه وتبدو على وجهه الفرحة تحاول عزيزة هانم ان تطلب لآبنها حسن ثمن بدلة اسموكنج ليحضر بها فرح صديقه عبد الرحمن ، يرفض الباشا وتظهرعلى وجهه العصبية والغضب ويقول لهــــا انه يرفض ان حسن ابنه يروح الفرح اصلاً لآنه راه امبارح قاعد يشرب كازوزه ، وفى نفس اللحظة يدخل الاغا ومعـــه جواب يقرؤه الباشا ويعرف ان بقرة من العزبة قد ماتت ويقرر خصم قيمتها من ماهية ناظر العزبة  ، ثم يصله جواب اخر يعرف من خلاله ان القمح زاد ثمنه الى خمسة جنيه الاردب ويقرر زيادة ماهية ناظر العزبة الى الربع ثم يتراجع ويتعالى صوت الباشا أمام عزيزة هانم : "ياخراب بيتك ياباشا حرقوا اربع فدادين قمح ميت يزيد ( للأغا) امشى يانذير السوء اطلع ياوش البابور عمرك ماتيجى بخبر كويس

الباشا لعزيزة هانم : ومع المصيبة دى عاوزة بدلة اسموكنج لابنك  "

وهنا يتضح مدى اهتمام الباشا وانشغاله بإدارة املاكه فى حين يرفض صرف اى مبالغ لترضية ابنه وادخال السعادة والفرح على قلبه مما يجعل الابن يلجأ لمن يحن عليه .حيث تتدخل مارجريت عنما تلاحظ غضب حسن وتظهر له حنيها وتعاطفها.

كما تظهر نتيجة تصرفات الاب وحبه لذاته ان جعل ابنه يبغضة ويتحول الى من يحن عليه وهى مارجريت فدار الحوار بينه وبين الاب 

- من الحوار بين حسن بك ومحمود بك يتضح ان محمود بك مغرم بالرسم وله طموحات فنية ولكنه يعجز عن تحقيقها لانها لايستطيع شراء اقلام رصاص من مصروفه الزهيد .

- ايضاً يقول عنه حسن ابنه : " تقول ايه فى واحد باشا يصرف زى ماانت عاوز فى الكماليات عشان الناس تقول عليه غنى ، أما فى الضروريات فيستحيل انه يبرز بقرش تعريفة .

- كما ان الباشا محمد على الزفتاوى محرم على ابنه انه يأكل معاه وبيقول ان عيب الابن ياكل مع ابوه.

- ونتيجة لتعنت الاب وعدم مباركته لنجاح ابنه الذى فاز باعلى درجة فى الفصل وعدم اكتراثه بفرحة ابنه او مشاركته لآبنه مشاعر الفرح ، يجعل الابن يتنمى الموت ويقول ان الموت احسن عنده من الحياة لآنه طالب ثانوى ومصروفه فقط قرشين فى اليوم ، وبالطبع لايمكنه ان يذهب مع ابن عمه امين بك لكى يتمشى لآن جيبه فاضى بإستمرار كما يشعر بالحرج من ابن عمه وابن خالته محمود حين يعترف امامهم بأنه يشترى بدله من السوق الاهلية بميدان العتبه الخضرا ، ويرى على وجه ابن عمه نظرات الامتعاض ولكنه يبادر بإخفائها نظرا لآن حسن يقل عنهم فى المستوى الاجتماعى من جراء بخل ابيه .

- أيضاً يظهر بخل الاب وحبه لذاته فى قراره بمنع السيدات من زيارة عزيزة هانم ورفضه لإستضافتها اى ضيوف لأن ذلك سوف يكون مكلفاً وسوف يشربون القهوة وقد امر الباشا الخدامين ان يقولوا لآى ضيفه تأتى لزيارة الهانم انها مش موجوده او نائمه.

وفى المقابل يهتم الباشا بشراء أوانى وزهريات فيبدو من تصرفه انه مغرم بالفنون ولكن الحقيقة انه يهتم بأن يتظاهر بالثراء حيث يقول :

يانهار اسود دانا دافع ثمنهم خمسة جنيه .

يرد : عليه امين : الاوانى التمام تساوى مائة ومائتين الف جنيه .

الباشا : ليه كده يعنى يظهر انك ماتفهمش كثير فى الحاجات دى ، دانا امبارح لقيت زيهم عند عبد اللطيف باشا قمت قلت لازم اشترى زيهم احسن بعدين الناس تقول ان عبد اللطيف باشا عنده حاجات موش عندى ، امال الواحد قدره يكبر بين الناس ازاى ؟

ويظهر من هذا المشهد جهل الباشا فهو قد اشترى الزهريات من دكان بالموسكى مع رغبته لتقليد الباشوات امثال عبد اللطيف باشا ، فيرد عليه امين ابن اخيه بأن مثل هذه الانتيكات تأتى من بلاد بره ، من اوروبا او من باريس تحديداً ، وبرغم ذلك يرفض زيادة ماهية حسن ابنه .

ويلاحظ جهل الباشا عندما يقلب كتاب تاريخ نابليون الذى يراه فى يد محمود ابن اخت عزيزة هانم وهو فى ذلك يبحث عن الصور ولايهتم بالتاريخ او مضمون الكتاب وفى ذلك اشارة لآنه يحب المظاهر ويهتم بها ، فهو قد اشترى قاموس لسان العرب لكى يضعه فى غرفة الضيوف للزينه ، كما اشترى " ورد الجلشانى

ويظهر حب الاب لنفسه ولمظهره فى رد فعله عندما اكتشف حب حسن ومارجريت فقد رفض ذلك الحب واصر ان يضرب حسن امام مارجريت وان يضرب مارجريت امام حسن وبعد محاولات الام عزيزة هانم لآن تشفع لهم اكتفى بطرد مارجريت من المنزل واصر على انه يضرب حسن على وجهه وعندما فر حسن من تحت يديه هجم عليه وسط توسلات عزيزة هانم .

وفى هذه اللحظة دخل حسن باشا رضوان عين بشوات الحكومة فالتفت الباشا له وتناسى مشكلة حسن حتى يحافظ على مظهره امام حسن باشا .

وبعد ان عرف حسن بحمل مارجريت اصر على تربية الطفل والاهتمام به وعودة مارجريت للمنزل والا فسوف يقتل نفسه وأخذ المسدس ليؤكد لوالدته انه لن يتخلى عن ابنه وفى هذا الوقت بينما الكل مترقب أثر الخبر على الباشا يدخل الباشا  ويقول : يانهار اسود . الواحد دايما كده منصاب فى الدنيا ، انا عارف الواحد يموت امتى ؟

عزيزة ( لنفسها ) : لازم يكون قابل مارجريت

عزيزة للباشا : موش تقولنا ياباشا ؟

الباشا : وانا عند حسن باشا رضوان قابلت واحد شحات وقمت بدال ما اديله قرش اديته خمس قروش صحيحة , ياناس راح منى خمس صاغ النهاردة .

محمود : سعادتك لازم تروح قسم الشرطة تبلغ عن الشحات ده

الباشا : عندك حق والله ماسابيه ابن الكلب ده

يخرج  الباشا من المنزل فيقابل مارجريت عند الباب ويتعجب من عودتها للمنزل

حسن : بصوت فيه رنه : الحقيقة انها حامل

الباشا : ده كلام فارغ ، بقى بنت زى دى تضحك علينا كلنا ، اطلعى برة يابنت, اطلعى بره لحسن اخبط وشك فى الارض.

حسن : اذا طردتها يا بابا رايح اطلع انا وراها.

................ مارجريت : يا باشا متخافش كنت اظن ان الاغنياء فى قلبهم رحمه على الفقراء كنت اظن البشوات يعرفوا الواجب. كنت اظن ان الرحمه والشفقه لسه موجودة فى الدنيا. لكن دلوقت عرفت الحياه عبارة عن غش وخداع وظلم. متأخذنيش يا سعادة الباشا اللى جيت وقلقت راحتك, وانت يا حسن دلوقت عرفت انك راجل صحيح. خليك يا حسن مع ابوك وامك. مايصحش تسيبهم علشان بنت مسكينه زيى . اما انا عندى رب ماينساش حد.

وعندما اصر حسن على ترك المنزل والذهاب مع مارجريت ، كان رد فعل الاب ان فرح لآنه سوف يوفر نصف رطل اللحم وواحد قرش من مرتب الخضار ونصف وقه من العيش . متجاهلاً رغبة أبنه وحق مارجريت فى ان يتعاون معها حسن فى تربية ابنها وان تحيا حياة كريمة 

وفى المشهد الخامس من الفصل الرابع حيث يذهب الباشا الى رضوان باشا فيهم بتقبيل يده ويرفض الجلوس قبل ان يأذن له بذلك 

يهنئه رضوان باشا بترشحه لمجلس المديرية ويعده بمساعدته فى ذلك بشروط ثلاثة 

اولها: ان يصالح ابنه

ثاتياً ان يفرض له ماهية ستون جنيها بدلاً من ستون قرش .

ثالثاً : عدم عمل الوقفية التى قرر الباشا عملها بهدف حرمان حسن ابنه من الميراث .

يوافق الباشا على كل الشروط طمعاً فى تولى منصب مجلس المديرية ثم عندما يقابل حفيده يتفاجئ الجميع بفرحته بالطفل وفرض له مرتب عشرون جنيهاً .

تطور الاحداث وعلاقته ببنية العمل المسرحى 

يبدأ العمل بحوار بين عزيزة هانم ومارجريت الخادمه كل منهن تحاول تنفيذ اوامر الباشا خوفاً منـــه فالاولى : مارجريت تحاول ترتيب الصورلانها تعلم مدى اهتمامه بمظهر القصر ، أما الثانية وهى : عزيزة هانم تحاول التأكيد على ضرورة تنظيف بدل الباشا لآنه يهتم بمظهره الشخصى امام الباشوات الذين يتعامل معهم ، وتظهر معالم الخوف من خشية مارجريت ان تبوح لسيدتها عزيزة هانم بأنها اشترت البنزين من مالها الخاص لانها تخشى ان تطلب المال من الباشا .

تتطور الاحداث حيث اصبح الكلام عن حسن بك وعن بخل الباشا وقسوته عليه هو محور الحديث ومحط الانظار الى ان ينال شفقة وعطف الموجودين 

يأتى مشهد الحوار بين حسن بك وابن خالته الذى يشفق عليه ويدعوه للخروج معه للتنزه فيرفض لآنه لايملك نقود ، وتتطور الاحداث برفض الاب حضور ابنه فرح عبد الرحمن ورفضه شراء بدله لآبنه مما يجعل الابن حسن بك يضيق بتصرفات ابيه مع علمه ان ابيه يمتلك المال الكافى ليوفر له حياة كريمة بلا حرج أو مذله 

يتصادف بعد ذلك وجود مارجريت لحظة ثورة حسن بك وغضبه وهذا مايجعله يكتشف اهتمامها به ، وتتازم الاحداث عندما تتطور العلاقة بين حسن ومارجريت ويطرد الباشا مارجريت من القصر ثم تعود بعد فترة بخبر حملها من حسن ويرفض الباشا قبول ذلك .

وتبدأ الامور فى التحول فى اتجاه حل المشكلة حين يسعى الباشا الى منصب رئيس مجلس المديرية ويتدخل حسن باشا فى الامر ويعده بمساعدته فى الوصول الى المنصب بشرط رجوع حسن ابنه الى القصر وفرض راتب مناسب له وقبول زيجته من مارجريت

 ولكن المفاجاءة السعيدة فى نهاية المسرحية هى فرحة الباشا برؤية حفيده وفرض مرتب للحفيد من تلقاء نفسه وبدون اية ضغوط لآن اعز الولد هو ولد الولد.

 

الاب محب لنفسه تتملكه النزعه  الارستقراطية مهتم بالتفاخر والجاه وتقليد النبلاء والباشوات ونتيجـــة لذلك يترك ابنه وزوجته ولايوليهم اى اهتمام ، يصدر الكثير من الاوامر ولايهتم باحتياجات او رغبات الاخرين ، يقدم الكثير من الاحترام والولاء لمن هم من طائفة البشاوات والبكاوات لكى ينال رضاهم وفى المقابــــل يضغط على مشاعر اهل بيته فيحصد خوف زوجته وابنه وجميع من هم فى القصر , يهتم بجمع المال لكى يحقق احلامه وطموحاته فى ان يصل الى منصب عالٍ ويكنز المال خوفاً من ان يعود للفقر منيجة لتقلبــات الدهر ولايعلم ان جمع المال لايفيد ، فيلجأ الابن الى من يوليــــه الاهتمام والمحبة وهى الخادمة مارجريت

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الاجزاء الكيفية للتراجيديا

المكونات الكيفية للتراجيديا ربما كان من الغريب التعمق فى جوانب ومكونات التراجيديا الى الحد الذى يجعل المشاهد او الدارس يتمكن من التعمق فى كي...